Viernes, 04 Octubre 2024

محمد محمد أمزيان سي عبدالرحمن العوفي

 

 من مواليد 30 يونيو 1979 بتغزوت، بني وليشك، إقليم الدريوش.

 

♦ متزوج بيسرى التزتي، ورُزق منها بثلاثة أبناء.

 

♦ مقيم بالدار البيضاء

تخرجه من جامعة الأخوين سنة 2001

♦ المسار الدراسي

  • تلقى تعليمه الابتدائي والاعدادي والثانوي بالناظور.
  • نال شهادة الباكالوريا في العلوم التجريبية بميزة حسن جدا سنة 1997، خولت له الحصول على منحة الالتحاق بجامعة الأخوين بإفران سنة 97/1998.
  • تابع دراسته بجامعة جورج واشنطن بواشنطن بالولايات المتحدة الامريكية سنة 2001
  • حصـل على دبلوم تسيير المقاولات من جامعة الاخوين بميزة جيد جدا سنة 2002
  • منحت له لجنة أمريكية منحة سنة 2005 تابع بها دراسته العليا ببوسطن  الأمريكية
  • حصل من جامعة بوسطن "كولدج" على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، والماجستير في العلوم المالية سنة 2007

  المسار المهني 

زيارته لتمثال الحرية بمانهاتن في مدينة نيويورك سنة 1999

في جامعة بوسطن الامريكية، يتسلم شهادة الماجستير2007

  • رئيس مصلحة لبنك التجارة الخارجية سنة 2002/2003
  • حاليا مدير التواصل المالي بنفس البنك
  • له أنشطة متنوعة داخل المغرب وخارجه 
  • يشرف سنويا على انتقاء مقاولين أفارقة من مختلف الدول الإفريقية مقابل تقديمهم أحسن اختراع يفيد البشرية في مجالات عدة، وذلك للفوز بجائزة مليون دولار يقدمها البنكللتجارة الخارجية لهذا الغرض.
  • يشرف على إعداد التقاريرالمالية والعلاقات مع المستثمرين.

 

لقد شب على حب القراءة والكتابة، وملكه منذ الصغر طموح دفعه إلى المثابرة على العمل والاجتهاد.. ورغم ميولاته إإلى العلوم التجريبية، التي حقق فيها الكثير من النجاح والتألق أثناء دراسته، فإنه يحمل في وجدانه أيضا مواهب أدبية واعدة، تتفاعل وتعتمل في وجدانه، حتى تخرج في شكل أعمال إبداعية رائقة، إلى جانب مخيلة  خصبة، وحس نقدي مرهف...

يتضح لنا ذلك في كتاباته الأدبية التي نشرها في الصحف الوطنية، قبل التحاقه بالجامعة في أواخر التسعينات من القرن الماضي، والتي نختارمنها النموذجين التاليين:

 

1ـ حلم الهجرة

كان مقهى "الريف" غاصا برواده في ذلك اليوم الحار من شهر أغسطس. وفي ركن من أركانه جلس ثلاثة  شبان في مقتبل العمر، حول مائدة معدنية صغيرة، تراصت فوقها أكواب الشاي المنعنع، فبدأ أحدهم بالحديث متسائلا:

- هل من أخبار عن صديقك فؤاد يا علي؟

التفت إليه علي في اهتمام، وقد شحذ الحديث عن صديقه كل حواسه، فعدل من جلسته قبل أن يجيب:

- لا يا حسن. لقد هاجرالمسكين إلى اسبانيا منذ أسبوع تقريبا، ولا يعلم عنه والداه شيئا.

ارتفع حاجبا حسن في دهشة وهو يقول:

- ألم يتصل بهما هاتفيا أو....

قاطعه علي وهو يومئ برأسه نفيا:

- لا لم يفعل ذلك بعد...

صمت هنيهية ليرشف من كوبه الساخن رشفتين قبل أن يتابع:

- تصور مرارة الحزن التي يعاني منها والداه. إنهما مازالا ينتظران على أحر من الجمر مكالمة هاتفية منه ليطمئنا على سلامته ويرتاحا من الجحيم الذي يعيشان فيه الآن.

شبك حسن أصابع يديه وهز كتفيه في حيرة:

- غريب أمر هذا الشاب!... لقد اختفى وكأن الأرض فد انشقت وابتلعته... أخشـى أن يكون القارب فد غرق و...

- لا تبالغ ياهذا... إنك تتفوه بتفاهات لا أساس لها من الصحة.

   بتر علي عبارة زميله فجأة بعد أن فهم مغزى ما يريد قوله، فحدجه بنظرة صارمة اصطبغ لها وجه حسن بحمرة من الخجل، فانحنى هذا الأخير يتظاهر بنفض غبار وهمي عن سرواله. في الواقع، لم يرد الافصاح عن قلقه هو الآخر، لأن شيئا ما في داخله جعله حريصا على إخفاء مشاعره الحقيقية. كان فؤاد صديقا حميما له، ولهذا كان مجرد التفكير في غرقه كابوسا يزعجه.

- وأنت يا أحمد، ألا تقول شيئا؟

 كان علي يتحدث مخاطبا زميله الآخر الذي كان منهمكا في تصفح الجريدة الصباحية. وما إن سمعه حتى طواها ليضعها جانبا فوق المائدة؛ ثم هم بالقول وهو يحك ذقنه بسبابته:

- تتحدثان عن فؤاد، أليس كذلك؟

أومأعلي برأسه  إيجابا  دون أن ينبس ببنت شفة، فأردف أحمد عبارته مقهقها:

- إنه في وضعية أحسن من التي يعيشها كلاكما.

 فاحت من عبارته رائحة السخرية، انقبض لها حاجبا زميليه المجازين العاطلين من شدة الغضب، لكن سرعان ما انتبه أحمد إلى ذلك فاستدرك:

- لا تنظرا إلي هكذا... إنني أمزح فقط..

سكت لحظة وهو يحاول البحث في مخيلته عن شئ يغير به مجرى الحديث، فخيم الصمت برهة على الأصدقاء الثلاثة قبل أن يقول أحمد:

- أعتقد أن انقطاع فؤاد عن الاتصال بوالديه أمر طبيعي جدا، لأن رجال الأمن الاسباني يقومون في هذه الأيام بحملة تمشيطية واسعة النطاق للحد من نزوح المهاجرين السـريين، ولكن أراهن على أنه سيجد عملا مناسبا، وبعدها سيتزوج باسبانية ستعد له الأوراق الرسمية، وهكذا ستستقر حياته كمواطن عاد.

ما إن انتهى من عبارته حتى أعقب عليها علي وهو يصدر زفرة حارة:

- هذا ما نآمله...

قالها وهو يردد في نفسه: إن بقي على قيد الحياة.                                                 

لقد كان يعلم أن فؤاد، كان دائما غارقا حتى النخاع في حلم الهجرة إلى الخارج، وكان يحدثه دائما عن هذا الحلم الذي يراوده منذ انفصاله عن الدراسة، لقد كان يخبره بأنه على استعداد لركوب قارب الموت إن كان تحقيق حلمه يستدعي ذلك.

بعد ان استعاد علي بعضا من حديث صديقه فؤاد، ارتشف رشفة من كوب الشاي، ثم اختلس نظرة طويلة الى رواد المقهى، وقبل أن يرد بصره، انفرجت شفتاه في ذهول لأن عينيه التقطتا صورة آخر شخص يتوقع رؤيته، وبالذات، في هذا الوقت وفي هذا المكان! لقد رأى صديقه فؤاد آتيا إليهم بلحمه وشحمه، فنهض الجميع يعانقونه في دهشة مشوبة بالاستغراب.

- يا إلهي !.. لا أصدق عيني. أأنت فؤاد حقا؟... أين كنت يارجل؟ هل هاجرت فعلا أم ...؟

قاطع فؤاد زميله عليا بحركة من يده وهو يقول:

- تريث يا صديقي، فلقد عدت للتو، واحتاج الى قسط من الراحة لألتقط أنفاسي.

قالها وهو يجذب كرسيا ليجلس مع رفاقه، في حين صفق علي بيده مناديا النادل لإحضار فنجان من القهوة لفؤاد الذي بدا شاحبا، وهو ينظر إلى أصدقائه، فحاول أن يرسم على شفتيه ابتسامة مصطنعة بدت باهة وهو يقول:

- هل معك سيجارة يا علي؟

أخرج علي علبة السجائر من جيبه، فتناول منها فؤاد سيجارة دسها في فمه، وأشعلها بولاعته، وبعد لحظات، عاد النادل بفنجان من القهوة، فتابعه فؤاد ببصره حتى غاب داخل رواق المقهى، ثم نفث دخان سيجارته بعمق، وهو ينظر إلى عيون أصدقائه التي كانت تتابعه في فضول. لقد كان عليه أن يقص عليهم قصته من ألفها إلى يائها.

وراح يحكي لهم مغامرته بكل تفاصيلها المثيرة كأنها شريط سينمائي مشوق وقعت وقائعه لغيره:

"بدت الشمس كقرص أحمر في كبد السماء، وهي ترسل بأشعتها الذهبية قبل أن تواصل رحلة المغيب اليومية، وتختفي وراء جبال الريف، وهبت نسمات البحر العليلة لتتطاير معه خصلات شعر فؤاد الذي بدا شارد الذهن، وهو يتأمل تلاطم الأمواج بالصخور في إيقاع صاخب. وفجأة، انتزعه من شروده هدير زورق بخاري، فالتقط الشاب سترته الجلدية وحقيبة ملابسه، وبدأ يلوح بيده في اتجاه الزورق الذي أصدر محركه تكات متقطعة، قبل أن يتوقف على الفور، فنزل منه رجلان،أحدهما كان بدينا على نحو لا يناسب قامته القصيرة، والآخر كان مفتول العضلات، ممشوق القوام، رغم الشيب الذي تخطى فوديه؛ كان شعره الأشقر يوحي بأنه أوربي. 

- من هو ذلك الشاب الذي يتقدم إلينا؟

تحدث الأجنبي إلى رفيقه بعربية ركيكة، فأجابه البدين وهو يقهقه ضاحكا:

- إنه أحد زبنائنا هذه الليلة.

    ما إن اقترب فؤاد من الرجلين حتى صافحاه في برود، وهما يفحصانه من قمة رأسه إلى أخمص قدميه.

نظر فؤاد إلى ساعة معصمه وهو يقول:

- أين الآخرون؟ إنها الساعة السابعة الآن ومن المفروضأن...

قاطعه البدين وهو ينظر بدوره إلى ساعته:

- لا تقلق يافتى.. سيصلون بعد خمس دقائق على الاكثر.

كان الليل قد أسدل ستاره، فبدأ المكان يتشح بسواد الظلام الدامس شيئا فشيئا. وخيم الصمت على الجميع، وبدأت الدقائق تمر ببطء. وفجأة، برز خمسة شبان من وراء الصخور حاملين أمتعتهم، فأشار إليهم البدين هاتفا:

- هاهم.. لقد أتوا في الموعد المتفق عليه .

صمت لحظة قبل أن يردف:

- ها قد اكتمل عددكم ،ولم يبق الآن سوى تسليم النقود.

  ما إن قالها، حتى هم كل شاب بإخراج رزمة من المال، أعطوها للبدين، فسلمها هذا الأخير للأجنبي الذي قام بعدها على ضوء مصباح يدوي، وبعدها دس النقود كلها في حقيبة يدوية صغيرة.

 وما هي الا لحظات، حتى جاء رجل ممتطيا دراجة نارية فتسلم الحقيبة من يد الأجنبي، ثم اختفى في الظلام الدامس عائدا من حيث أتى.

- هيا يا شباب....  اسرعوا سنذهب الآن.

صاح البدين في الشبان، فهرعوا إلى الصعود إلى الزورق.

  انطلق الزورق البخاري يشق عباب البحر، وأصدر محركه سيمفونية أشبه بالأنين، فأسدل فؤاد جفنيه وبدأ يناجي نفسه:

- لقد ضقت ذرعا يا فؤاد بالعيش هنا، وفي هذه الأرض العقيمة التي لا تنبت أرزاقا. أعلم أنها مسألة  حياة أو موت  بالنسبة لك... فأنت تلعب ورقتك الأخيرة، فإما أن تنجو وتصل إلى بر الأمان ،وإما أن تغرق فتكون لقمة سائغة لأسماك القرش الجائعة.

عندما وصل تفكيره إلى هذه النقطة، انتابته قشعريرة باردة ارتعشت لها فرائسه كلها، لكنه سرعان ما نفض عنه هذه الفكرة، وأطلق العنان من جديد لمخيلته ليدعها تغوص هذه المرة في أحلام وردية:

- لالا، لن يحدث هذا  يافؤاد، بل سيتحقق حلمك وستصل إلى اسبانيا سالما إن شاء الله. ستجد عملا سيدرعليك الربح الوفير والعميم، وستتزوج باسبانية شقراء، ستعد لك الأوراق الرسمية و.... 

كان سيسترسل في أحلامه اللذيذة لولا صوت ذلك الرجل البدين الذي قطع حبل تفكيره .

- لقد وصلنا يا شباب. فليس أمامكم الآن سوى اجتياز هذه الغابة ،وليكن الله في عونكم.

بعد أن نزل فؤاد وبقية الشبان من الزورق البخاري، أدار الأجنبي محركه ليعود أدراجه تاركا الشبان في حيرة من أمرهم .

لقد بدت الغابة كثيفة ،وأضفى سكونها رهبة على المكان، فظهرت علامات الرعب على وجوه الجميع، إلا أن فؤاد حاول تمالك نفسه، وقال في همس مشجعا بقية زملائه:

- هيا يارفاق، لا تدعوا الخوف يدب إلى نفوسكم .. سننقسم إلى مجموعتين حتى لا نقع بسهولة في قبضة خفر السواحل.

ما إن انتهى من قوله حتى تبعه شابان، فتوغلا معه في الغابة الكثيفة، أما الآخرون ففضلوا البقاء حتى يبزغ الصبح.

بعد مسيرة دامت ساعتين، نال التعب من فؤاد وزميليه، فتوقف ثلاثتهم لالتقاط أنفاسهم.

- ن كنتما لا تمانعان، سننام الليلة هنا على أن نواصل السير غدا في الصباح الباكر.

وافقه الشابان بإيماءة ايجاب، فاستلقى الجميع على الأرض بعد أن فرشوا بساط الغابة ،وتوسدوا أمتعتهم.استحضـر فؤاد صورة أمه وأبيه، فانسكبت دمعة ساخنة على خديه، وحاول أن يغمض عينيه، لكن الكرى أبى أن يتسلل إلى جفنيه. لقد كان يعلم أنها ستكون ليلة طويلة... طويلة للغاية.

 تسللت أول خيوط الفجر لتداعب جفني فؤاد الذي، نهض وهو يتثاءب متثاقلا، فدعك عينيه الناعستين قبل أن يوقظ زميليه. وبعد أن صاح الجميع، تابع الثلاثة سيرهم نحو المجهول، في حذر وسط الغابة التي بدت موحشة بأطرافها اللامنتهية، وفجأة  وجفت قلوب الشبان بين ضلوعهم عندما سمعوا وقع أقدام تقترب، فالتفتوا في جزع نحو مصدر الصوت، لكنهم سرعان ما تنفسوا الصعداء. لقد كان رجلا في ثياب الفلاحين، حياهم بهمهمة مسموعة قبل أن يمضي في طريقه.

- يا للعجب !..أسمعتموه؟ لقد تحدث إلينا بالدارجة العربية.

 قال أحد الشبان وهو يفغر فاه في انبهار:

- وما العجب في هذا يا رجل؟

أجابه فؤاد قبل أن يستطرد:

- إنه على الأرجح مهاجر يشتغل في إحدى مزارع أحد الفلاحين الإسبان، وهذا يعني أننا  نقترب أكثر و...

بتر عبارته فجأة ، فبرقت عيناه وهو يشير بأصبعه الى بقية من الغابة:

- نظر هناك ... لقد وصلنا إلى مخرج الغابة. 

ركض الجميع  نحو المكان الذي أشار إليه فؤاد، وما إن وصلوا هناك حتى صعقتهم المفاجأة، فمادت بهم الأرض، عندما لاحت لهم من بعيد لوحة معدنية  مكتوب عليها بحروف بارزة: مدينة طنجة ترحب بكم".

 

تعالت قهقهات جنونية في مقهى الريف، بعد إن أنهى فؤاد قصته. لقد ضحك الأصدقاء ملء شدقيهم ، غير أنهم توقفوا فجأة عن الضحك بعد إن انتبهوا إلى أن فؤاد قد رمقهم بنظرات غاضبة ، فشد قبضة يده بقوة ليضربها فوق سطح المائدة وهو يصرخ:

- لقد ابتلعت، كفتى غر ساذج، طعم أولئك السماسرة الخبثاء.. لكني أقسم، إنني سأعيد الكرة يوما ما.. وسأحقق حلم الهجرة مهما كان الثمن...مهما كان الثمن.

 

2ـ التلفزة المغربية ـ ما محلها من الإعراب؟