Jueves, 18 Abril 2024

آل العوفي والهجرة

عبدالحق العوفي

لكي لا ننسى!

آل العوفي والهجرة

 

منذ أن دخل آل العوفي إلى المغرب حوالي سنة 1610م، قادمين من الأندلس، ضمن من تبقى من المسلمين المطرودين (الهجرة الأخيرة)، اختاروا الاستقرار بالبادية بدلا من المدينة، ونزلوا بأرض قبيلة بني وليشك، وبالضبط في قرية وردانة، ثم تغزوت لاحقا، حيث  ما يزال الكثير من أحفادهم مستقرين بهاتين القريتين إلى يومنا هذا.

ومنذ ذلك الحين، وإلى حدود منتصف القرن العشرين الماضي، وآل العوفي أوفياء لباديتهم، غيورون على أراضيهم، يعيشون بفضلها ومن خيراتها.

ولم يعرف عنهم، طوال القرون الأربعة الماضية، أي نزوح إلى الحواضر، إلا حينما وجد طلاب العلم، من الجيل الثالث، أنفسهم مضطرين لترك المدارس القرآنية في قراهم، والانتقال إلى المدن، لمتابعة واستكمال دراستهم. وكانت مدينة تطوان وفاس، في مقدمة المدن المغربية التي شد إليها الرحال أولئك الطلاب.

ومما زاد في استفحال ظاهرة النزوح والهجرة إلى المدن، خضوع منطقة الريف، في النصف الثاني من القرن الماضي، لنوع من العقاب المتمثل في فرض سياسة التهميش عليها، وإهمال بواديها، مما أدى إلى إفقار المنطقة بأكملها، وبالتالي هروب كثير من شباب الجيل الثالث إلى مختلف المدن المغربية، أي الهجرة من الشمال إلى الجنوب، في حين فضل الأخرون الهروب إلى بلدان خارج الوطن، أي الهجرة التي اصطلح عليها باسم "الهجرة من الجنوب  إلى الشمال"، من الدول "الفقيرة" إلى الدول "الغنية"!

كانت تتم الهجرة، في أول الأمر، في شكل أفراد فرادى، بدون صحبة لأسرهم، وذلك حرصا منهم على الإبقاء على حبل الوصال مع أراضيهم وقراهم، ملتزمين بسنة إحياء صلة الرحم مع أهلهم مرة في السنة على الأقل، والمحافظة، في الوقت ذاته، على جذور شجرة العائلة الضاربة في أعماق البادية، وعلى فروعها الممتدة في أعالي سماء الحاضرة...

فيما يلي، أورد بعض الأبيات الشعرية، من قصيدة للشاعر المصري، محمود غنيم، يخاطب فيها الريف (البادية) مادحا ساكنته، متبوعة برسمين بيانيين للنزوح، وشجرة العائلة:

 

حيَّيتُ فيكَ  عقائــــــــــداً                     والطَّاهرينَ سرائراً وقُلوبَـا

زعموكَ مرعىً للسَّوَام وليتَهـم                  زعموكَ مرعىً للعقولِ خَصيبَا

في الرّيف فتيانٌ تسيل جِباهُهُــم                    عَرَقاً فيصبحُ لؤلؤاً مثقوبَــــــــا

والذَّاهبات إلى الحقول بَوَاكِـــراً                   يمشي العَفَافُ وراءَهنَّ رقيبَــــا

 

 

رسم بياني، يتعلق بنزوح الجيل الثالث من آل العوفي نحو المدن المغربية، في النصف الثاني من القرن الماضي، وذلك اعتمادا على ما ورد في كتاب آل العوفي

 

 

رسم بياني، يتعلق بهجرة الجيل الثالث من آل العوفي نحو البلدان الأجنبية، في النصف الثاني من القرن الماضي، وذلك اعتمادا على ما ورد في كتاب آل العوفي